السلام عليكم و رحمة الله
أريد أن أعرف هل يمكنني فعلاً اختيار زوجي، بما يتناسب معي من صفات أم أنني مجبرة على الزواج من شخص بعينه دون أن يكون لي حق الاختيار مطلقاً مهما كان ذلك الشخص؟ ولك الشكر الجزيل.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإليك هذا المثال الذي يوضح لك حقيقة الأمر على وجهه:
فلو أنك قد أصابتك وعكة خفيفة فأردت أن تعالجي نفسك فهل تجلسين في بيتك وتقولين إن كان الله قد كتب لي الشفاء فسأشفى سواء أخذت الدواء أم لم آخذه، فلا داعي إذن أن أسعى وأن أحصل الدواء الذي يؤدي إلى شفائي.. فما رأيك في هذا التفكير هل هو سليم أم لا؟!، وإليك مثالاً آخر ليتضح الأمر أكثر:
لو أن رجلاً يحب الأولاد ويحب أن يكون له الذرية فقال إن كان الله جل وعلا قد كتب لي أن تكون لي ذرية فسوف تأتيني فلا داعي لأن أتزوج ولا داعي لأن أسعى في هذا، فإن كان قد كتب لي فسيتأني رزقي لا محالة.. فما رأيك في هذا؟!
والجواب قد اتضح لك؛ لابد لذلك المريض من أن يأخذ بالأسباب التي تؤدي إلى حصول الشفاء له فيذهب ويعالج نفسه ويأخذ الدواء ليتم الشفاء بإذنِ الله عز وجل، ولابد لهذا الرجل الذي يريد الذرية من أن يسعى في تحصيل أسبابها، من أن يخطب الفتاة ويتزوجها وأن ينعم الله جل وعلا بعد ذلك عليهم بحصول الذرية، وهكذا شأن الأمور كافة، فلابد إذن من السعي في الأسباب، وبهذا يتضح لك أن الأخذ بالأسباب هو من قدر الله، وبهذا أيضاً يتضح لك الجواب البيِّن على علاقة الأسباب بقدر الله جل وعلا، فإنها تُشكل على كثير من الناس، فهذا الذي يقول: إن كان قد كتب الله لي الشفاء فسوف أُشفى سواء أخذت الدواء أم لا، فنقول له: هنالك أمر ثالث لم تذكره وهو أن الله جل وعلا قد كتب أنك إن أخذت بأسباب الشفاء أنك ستُشفى وإن لم تأخذ بأسباب الشفاء أنك لن تشفى.
وكذلك هذا الرجل الذي جلس في قعر بيته وقال: إن كان قد كتب الله جل وعلا لي الذرية فسوف أحصلها وإن لم يكتبها فلن أحصلها، فنقول له: أليس هنالك أمر ثالث وهو أن الله جل وعلا قد كتب أنك إن أخذت بالأسباب فتزوجت واتبعت السبيل المعلوم في ذلك فتحصل لك الذرية وإن لم تأخذ بالأسباب ولم تتزوج لم تحصل الذرية؟ إذن فالأسباب نفسها من قدر الله، وهذا قد أفصح عنه - صلوات الله وسلامه عليه – غاية الإفصاح كما خرجه الترمذي في سننه أن بعض الصحابة رضي الله عنه – سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت دواءً نتداوى به ورقى نسترقيها وتقاة نتقيها أترد من قدر الله شيئاً؟ فقال صلوات الله وسلامه عليه: (هي من قدر الله).
فتأملي في هذا الإشكال الذي أورده هذا الصحابي الكريم الذي أشكل عليه، فإنه ظن أن الأخذ بهذه الأسباب تدفع قدر الله جل وعلا كالأخذ بالدواء وكالأخذ بالرقية المشروعة ونحوها من الأمور فهل هذا يرد من قدر الله؟ فقال صلوات الله وسلامه عليه: (هي من قدر الله) أي أن أخذك بالأسباب هو من قدر الله، فبهذا يتضح لك أن الفتاة عندما يجيئها خاطب فتنظر في أخلاقه وتنظر في دينه وتنظر في ملاءمته لها أنها تكون بذلك سعيدة بقدر الله عز وجل، فأخذها بالأسباب من قدر الله جل وعلا، ومعنى أن الله قد كتب لها رزقها لا يتنافى مع أخذها بالسبب فلا تجلس الفتاة مثلاً فتقول: إن كان قد كتب الله تعالى لي أن أتزوج هذا الرجل فسأتزوجه سواء رفضته أم لم أرفضه دون التفات إلى أخلاقه أو دينه لأن المكتوب سوف يحصل، فنقول لها: كلا ولكن قد أمرك - صلوات الله وسلامه عليه – أن تنظري في دينه وأن تنظري في خلقه وأن تسعي في الأسباب التي توصلك وتحصل لك مقصودك، فالأخذ بالأسباب هو نفسه من قدر الله عز وجل، وبهذا يزول عنك الإشكال يا أختي.
إذا علم هذا فإن إشارتك إلى أن بعض الفتيات يقمن العلاقات مع الرجال الأجانب وربما حصل بينهما الزواج فإن هذا السبيل ليس هو السبيل المشروع، بل السبيل المشروع يا أختي أن تخطب الفتاة المؤمنة كريمة عزيزة من بيت أهلها على الوجه المشروع، فإن رزق الله لا يسوقه حرص حريص ولا يرده منع مانع، ولذلك قال - صلوات الله وسلامه عليه -: (إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب فخذوا ما حل ودعوا ما حرم عليكم) رواه أبو نعيم في الحلية.
أي فأحسنوا في طلب الزرق، وابتغوه من سبله الحلال التي شرعها الرب جل وعلا.
ومعنى الحديث أن جبريل عليه السلام ألقى في نفس النبي صلى الله عليه وسلم أن جميع الناس لن يموتوا قبل حلول آجالهم، ولن يموتوا كذلك حتى ينالوا ويحصلوا كل ما كتبه الله لهم من أرزاقهم في الدنيا، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (فأجملوا في الطلب) أي فأحسنوا في طلب الرزق واتبعوا أجمل الطرق والأسباب في ذلك.
فهذا هو المقصود وإنما يُشرع من ذلك الأسباب المشروعة والتي من أعظهما الدعاء والتضرع إلى الله جل وعلا، ومن الأسباب المشروعة إقامة علاقة اجتماعية باقتصاد واعتدال والتي تجعلك حاضرة في النفوس بحيث ترغب فيك هذه لابنها وتلك لأخيها وهذه لقريبها، فبهذا الأسلوب يحصل المقصود.
ومن الأساليب المشروعة أن يكون هنالك تعاون وتضافر من الأسرة على تزويج بنتهم سواء من الإخوة والأخوات، فهذا هو الذي يُسعى فيه، وأما هذه العلاقات المحرمة فإنها لا تجني إلا الشوك منها، وكم من فتاة دخلت فيها فلم تخرج بسلام بل خرجت بالعار والفضائح والعياذ بالله! على أن أكثر هذه العلاقات لا ينتج منها زواج كما قد يُفهم من كلامك الكريم، ولكن ينتج منها البلاء والهم والغم لأن فيها مخالفة لأمر الله جل وعلا، ولو قدر وجود الزواج منها فإن سلمت الفتاة من الآفات فإن كثيراً من الأزواج لينظر إليها نظرة سيئة فيقول: كما أقامت علاقة معي فإنها تقيم علاقة مع غيري! ويحصل من الشك ما هو معلوم وظاهر.
والمقصود يا أختي هو التمسك بتقوى الله، قال تعالى: (( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ))[الزخرف:43]. ونسأل الله عز وجل لك التوفيق والسداد وأن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك وأن يجعلك من عباد الله الصالحين وأن يوفقك لما يحب ويرضى وأن يزيدك من فضله.
وبالله التوفيق.
فتأملي في هذا الإشكال الذي أورده هذا الصحابي الكريم الذي أشكل عليه، فإنه ظن أن الأخذ بهذه الأسباب تدفع قدر الله جل وعلا كالأخذ بالدواء وكالأخذ بالرقية المشروعة ونحوها من الأمور فهل هذا يرد من قدر الله؟ فقال صلوات الله وسلامه عليه: (
إذا علم هذا فإن إشارتك إلى أن بعض الفتيات يقمن العلاقات مع الرجال الأجانب وربما حصل بينهما الزواج فإن هذا السبيل ليس هو السبيل المشروع، بل السبيل المشروع يا أختي أن تخطب الفتاة المؤمنة كريمة عزيزة من بيت أهلها على الوجه المشروع، فإن رزق الله لا يسوقه حرص حريص ولا يرده منع مانع، ولذلك قال - صلوات الله وسلامه عليه -: (
أي فأحسنوا في طلب الزرق، وابتغوه من سبله الحلال التي شرعها الرب جل وعلا.
ومعنى الحديث أن جبريل عليه السلام ألقى في نفس النبي صلى الله عليه وسلم أن جميع الناس لن يموتوا قبل حلول آجالهم، ولن يموتوا كذلك حتى ينالوا ويحصلوا كل ما كتبه الله لهم من أرزاقهم في الدنيا، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (
فهذا هو المقصود وإنما يُشرع من ذلك الأسباب المشروعة والتي من أعظهما الدعاء والتضرع إلى الله جل وعلا، ومن الأسباب المشروعة إقامة علاقة اجتماعية باقتصاد واعتدال والتي تجعلك حاضرة في النفوس بحيث ترغب فيك هذه لابنها وتلك لأخيها وهذه لقريبها، فبهذا الأسلوب يحصل المقصود.
ومن الأساليب المشروعة أن يكون هنالك تعاون وتضافر من الأسرة على تزويج بنتهم سواء من الإخوة والأخوات، فهذا هو الذي يُسعى فيه، وأما هذه العلاقات المحرمة فإنها لا تجني إلا الشوك منها، وكم من فتاة دخلت فيها فلم تخرج بسلام بل خرجت بالعار والفضائح والعياذ بالله! على أن أكثر هذه العلاقات لا ينتج منها زواج كما قد يُفهم من كلامك الكريم، ولكن ينتج منها البلاء والهم والغم لأن فيها مخالفة لأمر الله جل وعلا، ولو قدر وجود الزواج منها فإن سلمت الفتاة من الآفات فإن كثيراً من الأزواج لينظر إليها نظرة سيئة فيقول: كما أقامت علاقة معي فإنها تقيم علاقة مع غيري! ويحصل من الشك ما هو معلوم وظاهر.
والمقصود يا أختي هو التمسك بتقوى الله، قال تعالى: (( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ))[الزخرف:43]. ونسأل الله عز وجل لك التوفيق والسداد وأن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك وأن يجعلك من عباد الله الصالحين وأن يوفقك لما يحب ويرضى وأن يزيدك من فضله.
وبالله التوفيق.
ليست هناك تعليقات :